
“سلكوط” مصطلح لا يليق بطرحه من طرف صحفي
بقلم: عبد الجبار الإدريسي – المدير المسؤول عن موقع MAP24
في زمن تُعتبر فيه حرية التعبير ركيزة أساسية في المجتمعات الديمقراطية، يصبح من الضروري أن نتساءل عن حدود هذه الحرية عندما تتجاوز حدود الأدب والاحترام، خاصة عندما تصدر عن أشخاص يُفترض أنهم يحملون رسالة نبيلة مثل الصحفيين. فقد أثار استخدام أحد الصحفيين المغاربة لمصطلح غير لائق مثل “سلكوط” لوصف ناشط على منصة يوتيوب استياءً واسعًا، ليس فقط بسبب حدة الكلمة، بل لما تعكسه من انحدار في مستوى الخطاب الإعلامي.
انحدار في الخطاب… منبر الصحافة ليس ساحة للخصومات الشخصية
إن ما حدث بين الصحفي والناشط المذكور لم يكن مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل تحول إلى صراع شخصي تُركت فيه المهنية جانبًا لصالح تراشق لفظي غير لائق. مثل هذه الحوادث تضعنا أمام سؤال جوهري:
هل فقد بعض الصحفيين البوصلة التي توجههم نحو رسالتهم الحقيقية؟
المشكلة هنا لا تتعلق فقط باستخدام مصطلح سوقي، بل في الاستهتار بقيم العمل الصحفي ذاته. فالصحافة، كما هو معروف، ليست منبرًا لتصفية الحسابات الشخصية أو التعبير عن الأحقاد والخلافات، بل هي مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون مهنة.
تأثير هذه السلوكيات على صورة الصحافة والمجتمع
عندما ينزلق صحفي إلى استخدام مثل هذه المصطلحات في فضاء عام، فإن التأثير لا يقتصر عليه فقط، بل يمتد ليطال صورة الصحافة ككل. كيف يمكن لجيل شاب يتابع هؤلاء الصحفيين أن يميز بين ما هو مهني وما هو شخصي إذا غابت القدوة؟
إننا اليوم نعيش في عصر أصبح فيه لكل شخص منصة يعبر من خلالها عن رأيه، لكن الفرق كبير بين حرية التعبير والانفلات الأخلاقي. إذا فقد الصحفي احترامه لمهنته، فكيف سيحترم الجمهور رسالته؟
دعوة للتأمل وإعادة تقييم الدور الصحفي
نحن لا نهدف هنا إلى التشهير أو استهداف شخص بعينه، بل ندق ناقوس الخطر. لقد آن الأوان لنقف وقفة تأمل جماعية:
إلى أين تتجه صحافتنا؟
وهل أصبح السب والشتم بديلاً عن التحليل العميق والنقد البناء؟
أين هي المواثيق الأخلاقية التي تحكم العمل الصحفي؟
يجب أن تعود الصحافة إلى جذورها الحقيقية: نقل الحقيقة بموضوعية، الدفاع عن القيم النبيلة، وتسليط الضوء على القضايا التي تخدم الصالح العام لا النزاعات الشخصية.
في الختام… مسؤولية جماعية
ندعو الجهات المعنية، من نقابات وهيئات صحفية، إلى التدخل بحزم لضبط هذه التجاوزات. كما نطالب النيابة العامة بالنظر في مثل هذه الحالات التي قد تسيء ليس فقط للمهنة بل للذوق العام أيضًا.
لكن المسؤولية لا تقع على المؤسسات وحدها، فكل صحفي يجب أن يتحلى بقدر من الوعي الذاتي يُجنّبه الوقوع في فخ التهور والانفعال. كما يجب على الجمهور أيضًا أن يكون واعيًا، فلا يمنح مثل هذه السلوكيات مساحة للتفشي والتكرار.
لقد حان الوقت للعودة إلى أساسيات الصحافة: الاحترام، النزاهة، والمهنية. فبدونها، نصبح مجرد أصوات فارغة في عالم يعج بالضوضاء.